هو:
الحسن بن أبي الحسن البصري، واسم أبي الحسن يسار، مولى زيد بن ثابت الأنصاري، وهو
أحد الأئمة الأعلام، وأحد حفَّاظ القرآن الكريم.
كنيته:
أبو سعيد؛ (التاريخ الكبير؛ للبخاري جـ2 صـ289).
ميلاد
الحسن البصري:
وُلِدَ
الحسن البصري رحمه الله بالمدينة، لسنتين بَقِيتا مِن خلافةِ عمرَ بنِ الخطاب رضي
الله عنه؛ (التاريخ الكبير؛ للبخاري جـ2 صـ289).
حضر
الحسن البصري الجمعةَ مع عثمان بن عفان، وسمِعه يخطب، وشهِد يوم الدار، وله يومئذٍ
أربع عشرة سنةً؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ115).
صفات
الحسن:
قال
الإمام محمد بن سعد رحمه الله: "كان الحسن جامعًا، عالِمًا، عاليًا، رفيعًا،
فقيهًا، ثقةً، مأمونًا، عابدًا، ناسكًا، كبير العلم، فصيحًا، جميلًا وسيمًا"؛
(الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ115).
قالت
أمة الحكم: كان الحسن يجيء إلى حِطَّانَ الرَّقَاشيِّ، فما رأيت شابًّا قط كان
أحسن وجهًا منه؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي جـ4 صـ573).
قال
حماد بن سلمة: رأيت الحسن يُصفِّر لحيته؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي جـ4 صـ573).
قال
عامر الشعبي لرجل يريد قدوم البصرة: إذا نظرتَ إلى رجلٍ أجمل أهل البصرة وأهيبهم،
فهو الحسن، فأقرِئه مني السلام؛ (البداية والنهاية؛ لابن كثير جـ9 صـ278).
الحسن
يتولى القضاء:
تولَّى
الحسن البصريُّ قضاء البصرةِ زمنَ عمر بن عبدالعزيز؛ (المعرفة والتاريخ؛ ليعقوب بن
سفيان الفسوي جـ2 صـ49).
قال أبو
حَرَّة الرَّقَاشِيُّ: كان الحسنُ لا يأخذ على قضائه أجرًا؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن
سعد جـ7 صـ125).
نصيحة
الحسن للخليفة عمر بن عبدالعزيز:
روى أبو
نعيم عن مَوْهَب بن عبدالله، قال: لَمَّا استُخلف عمر بن عبدالعزيز، كتب إليه
الحسن البصري كتابًا بدأ فيه بنفسه: "أما بعد، فإن الدنيا دارٌ مُخيفة، إنما
أُهبِط آدم من الجنة إليها عقوبةً، واعلَمْ أن صرعتها ليست كالصرعة، مَن أكرمها
يُهَنْ، ولها في كل حينٍ قتيل، فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جرحَه؛ يصبِرُ
على شدة الدواء؛ خيفةَ طول البلاء، والسلام"؛ (حلية الأولياء؛ لأبي نعيم جـ2
صـ148).
شيوخ
الحسن البصري:
روى
الحسن البصري عن: عمران بن حُصَين، والمُغِيرة بن شُعْبة، وعبدالرحمن بن سَمُرَة،
وسَمُرة بن جُنْدب، وأبي بكرة الثَّقفي، والنُّعمان بن بَشِير، وجابر، وجُنْدُب
البَجَلي، وابن عباس، وعمرو بن تغلب، ومَعقِل بن يَسَار، والأسود بن سريع، وأنسٍ،
وخلقٍ مِن الصحابة.
وقرأ
القرآن على: حِطَّانَ بن عبدالله الرَّقاشي.
وروى عن
خلق من التابعين؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي جـ4 صـ565).
تلاميذ
الحسن البصري:
روى عن
الحسن البصري كثيرٌ من أهل العلم؛ منهم:
أيُّوب
السختياني، وشَيْبان النَّحْوي، ويُونُس بن عُبَيد، وابن عَوْن، وحُمَيد الطويل،
وثابت البُناني، ومالك بن دِينار، وهشام بن حسان، وجَرِير بن حازم، والرَّبيع بن
صَبِيح، ويزيد بن إبراهيم التُّسْتَري، ومبارك بن فَضالة، وأَبَان بن يَزيد
العطار، وقُرَّة بن خالد، وحزم القطعي، وسَلَّام بن مِسكين، وشُمَيْط بن عجلان،
وصالح أبو عامر الخزَّاز، وأمم سواهم؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي جـ4 صـ566).
منزلة
الحسن العلمية:
(1) روى
ابنُ سعد عن خالد بن رياح أن أنسَ بن مالك رضي الله عنه، سئل عن مسألة، قال: عليكم
مولانا الحسن، فسَلُوه، فقالوا: يا أبا حمزة، نسألك وتقول: سلوا مولانا الحسن!
فقال: إنا سمِعنا وسمِع، فحفِظ ونسينا؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ130).
(2) روى
ابن سعد عن حُمَيد بن هلال قال: قال لنا أبو قتادة رضي الله عنه: عليكم بهذا الشيخ
- يعني الحسنَ بن أبي الحسن - فإني واللهِ ما رأيتُ رجلًا قط أشبهَ رأيًا بعمر بن
الخطاب منه؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ118).
(3) قال
يُونُس بن عُبَيد: كان الحسنُ - واللهِ - مِن رؤوس العلماء في الفتنِ والدماء؛
(الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ120).
(4) قال
قتادة بن دِعامَة: كان الحسنُ مِن أعلم الناس بالحلال والحرام؛ (الطبقات الكبرى؛
لابن سعد جـ7 صـ120).
وقال
قتادة أيضًا: ما جمعتُ علمَ الحسن إلى أحد من العلماء، إلا وجدتُ له فضلًا عليه،
غيرَ أنه إذا أشكل عليه شيء كتب فيه إلى سعيد بن المسيب يسأله، وما جالستُ فقيهًا
قط إلا رأيت فضل الحسن؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي جـ4 صـ573).
(5) قال
الربيع بن أنس: اختلفتُ - (أي: ذهبت) - إلى الحسنِ عشرَ سنين، أو ما شاء الله،
فليس مِن يوم إلا أسمع منه ما لم أسمع قبل ذلك؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي جـ4
صـ574).
(6) روى
أحمد عن الحسن البصري، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
خطب يوم الجمعة يُسنِد ظهره إلى خشبةٍ، فلما كثر الناس قال: ((ابنُوا لي
مِنبرًا))، أراد أن يُسمِعَهم، فبَنَوا له عتبتينِ، فتحوَّل من الخشبة إلى المنبر،
قال: فأخبرني أنس بن مالك، أنه سمِع الخشبة تحنُّ حنينَ الوالهِ، قال: فما زالت
تحنُّ حتى نزل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر، فمشَى إليها فاحتضَنَها،
فسكنَتْ"؛ (حديث صحيح)، (مسند أحمد جـ21 صـ71 حديث: 13363).
موقف
الحسن في قتال الفتنة:
(1) روى
ابن سعد عن سليمان بن علي الرَّبعي، قال: لَمَّا كانتِ الفتنةُ فتنةُ ابن الأشعث؛
إذ قاتل الحجَّاجَ بن يوسف، انطلق عُقبةُ بنُ عبدالغافر، وأبو الجوزاء، وعبدالله
بن غالب، في نفرٍ مِن نظرائهم، فدخلوا على الحسن، فقالوا: يا أبا سعيد، ما تقول في
قتالِ هذا الطاغية الذي سفَك الدم الحرام، وأخذ المال الحرام، وترك الصلاة، وفعل
وفعل؟ قال: وذكَروا مِن فعل الحجاج، قال: فقال الحسن: أرى ألَّا تُقاتِلُوه؛ فإنها
إن تكن عقوبة مِن الله، فما أنتم بِرَادِّي عقوبةِ الله بأسيافكم، وإن يكن بلاء، ﴿ فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ...
وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴾ [الأعراف: 87]، قال: فخرَجوا مِن عنده
وهم يقولون: نُطِيعُ هذا العِلْجَ؟! قال: وهم قوم عرب، قالوا: وخرجوا مع ابن الأشعث،
قال: فقُتِلوا جميعًا؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ120).
(2) كان
الحسن البصري إذا قيل له: ألا تخرج فتُغيِّر - (أي: بالقتال) - قال: يقولُ: إن
الله إنما يُغيِّر بالتوبة، ولا يُغيِّر بالسيف؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7
صـ127).
(3) روى
ابنُ سعد عن سَلْم بن أبي الذَّيَّال، قال: سأل رجلٌ الحسنَ - وهو يسمع وأناس من
أهل الشام - فقال: يا أبا سعيد، ما تقول في الفتن؛ مثل يزيد بن المُهلَّب وابن
الأشعث؟ فقال: لا تكن مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، فقال رجلٌ من أهل الشام: ولا مع أمير
المؤمنين يا أبا سعيد؟ فغضِب، ثم قال بيده، فخطر بها، ثم قال: ولا مع أمير
المؤمنين يا أبا سعيد، نعم، ولا مع أمير المؤمنين؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7
صـ121).
(4) روى
ابن سعد عن عمرو بن يَزيد العَبديِّ، قال: سمعتُ الحسن يقول: لو أن الناسَ إذا
ابتُلُوا مِن قِبَل سلطانهم صبَرُوا ما لبِثوا أن يُفرج عنهم، ولكنهم يجزعون إلى
السيف، فيُوكَلون إليه، فوَاللهِ، ما جاؤوا بيوم خير قط؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن
سعد جـ7 صـ121).
مِن
كلام الحسن البصري:
(1) كان
الحسن يقول: أهِينُوا هذه الدنيا؛ فوَاللهِ لأهنأ ما تكون إذا أهنتموها؛ (الطبقات
الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ124).
(2) قال
الحسن: الفقيهُ الوَرِعُ الزاهدُ الذي لا يَهمِزمَن فوقه، ولا يسخَرُ بمَن هو أسفل
منه، ولا يأخذ على علمٍ علَّمه اللهُ حطامًا؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7
صـ131).
(3) قال
هشام بن حسان: سمِعتُ الحسن يقول - يحلف بالله -: "ما أعزَّ أحدٌ الدرهمَ إلا
أذلَّه الله عز وجل"؛ (الزهد؛ لأحمد بن حنبل صـ 219 رقم: 1536).
(4) قال
الحسن: لا تُجالِسوا أصحاب الأهواء، ولا تجادلوهم، ولا تسمعوا منهم؛ (الطبقات
الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ127).
(5) كان
الحسن البصري يقول: يا بنَ آدمَ، لا تُرْضِ أحدًا بسَخَطِ الله، ولا تُطِيعنَّ
أحدًا في معصية الله، ولا تحمَدَنَّ أحدًا على فضل الله، ولا تلُومَنَّ أحدًا فيما
لم يُؤتِك الله، إن الله خلق الخلق والخلائق فمَضَوا على ما خلَقَهم عليه، فمَن
كان يظنُّ أنه مُزدَادٌ بحرصه في رزقه، فليَزْدَدْ بحرصه في عمره، أو يُغيِّرْ
لونه، أو يَزِدْ في أركانه أو بنانه؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ130).
(6) قال
الحسن البصري: اللهم طهِّر قلوبنا من الشِّرك والكِبر، والنفاق والرياء،
والسُّمْعة، والرِّيبة والشك في دينك، يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلوبَنا على دينك،
واجعل دينَنا الإسلامَ القيِّمَ؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ130).
(7) قال
الحسن: "والله يا بن آدم، لئن قرأتَ القرآن، ثم آمنتَ به، ليَطُولَنَّ في
الدنيا حزنُك، وليَشتَدَّنَّ في الدنيا خوفُك، وليَكثُرَنَّ في الدنيا
بكاؤك"؛ (الزهد؛ لأحمد بن حنبل صـ 210 رقم: 1453).
(8) قال
الحسن: "يا بن آدم، لم تكُنْ فكُوِّنَت، وسألتَ فأُعطِيتَ، وسُئِلتَ فمَنَعت،
فبئس ما صنعتَ!"؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ126).
(9) قال
الحسن: احترِسُوا مِن الناس بسوءِ الظنِّ؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ131).
(10) قال
الحسن: كثرةُ الضحك مما يُمِيتُ القلب؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ126).
(11) قال
غالب القطَّان: جئتُ إلى الحسنِ بكتابٍ مِن عبدِالملك بن أبي بَشيرٍ، فقال:
اقرَأْه، فقرأتُه، فإذا فيه دعاءٌ، فقال الحسن: رُبَّ أخٍ لك لم تلِدْهُ أمُّك؛
(الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ131).
(12) قال
مالك بن دينار: قلتُ للحسن البصري: ما عقوبة العالِم؟ قال: "موتُ
القلب"، قلتُ: وما موتُ القلب؟ قال: "طلب الدنيا بعمل الآخرة"؛
(الزهد؛ لأحمد بن حنبل صـ 215 رقم: 1498).
(13) قال
الحسن: "إن المؤمنَ أحسَنَ الظنَّ بربِّه، فأحسَنَ العمل، وإن المنافقَ أساء
الظنَّ بربِّه، فأساء العمل"؛ (المصنف؛ لابن أبي شيبة جـ12 صـ200رقم: 36201).
(14) قال
الحسن: "اطلُبِ العلمَ طلبًا لا يضرُّ بالعبادة، واطلُبِ العبادةَ طلبًا لا
يضرُّ بالعلم؛ فإن مَن عمل بغيرِ علمٍ، كان ما يُفسِد أكثرَ مما يُصلِح"؛
(المصنف؛ لابن أبي شيبة جـ12 صـ201رقم: 36202).
(15) قال
الحسن: "إن الرجلَ لَيَعمَلُ الحسنةَ، فتكون نورًا في قلبه وقوةً في بدنه،
وإن الرجل ليعمَلُ السيئة فتكون ظُلمةً في قلبه ووهنًا في بدنه"؛ (المصنف؛
لابن أبي شيبة جـ12 صـ200رقم: 36205).
(16) قال
الحسن: "إذا رأيت الرجل يُنافِسُ في الدنيا، فنافِسْه في الآخرة"؛
(المصنف؛ لابن أبي شيبة جـ12 صـ201رقم: 36213).
(17) قال
الحسن: "إن الإيمان ليس بالتحلِّي ولا بالتمنِّي، إن الإيمان ما وقر في القلب
وصدَّقه العملُ"؛ (المصنف؛ لابن أبي شيبة جـ12 صـ203رقم: 36221).
(18) قال
الحسن: "إن المؤمنين عجَّلوا الخوفَ في الدنيا فأمَّنَهم اللهُ يوم القيامة،
وإن المنافقين أخَّروا الخوف في الدنيا فأخافهم الله يوم القيامة"؛ (المصنف؛
لابن أبي شيبة جـ12 صـ203رقم: 36223).
(19) قال
الحسن: "لا إله إلا الله: ثَمَنُ الجنة"؛ (المصنف؛ لابن أبي شيبة جـ12
صـ218رقم: 36323).
(20) قال
الحسن: "لا يزالُ العبدُ بخيرٍ إذا قال لله وإذا عمل لله"؛ (المصنف؛
لابن أبي شيبة جـ12 صـ214رقم: 36298).
وصية
الحسن عند موته:
قال:
أبو طارقٍ السَّعديُّ: شهِدتُ الحسن عند موتِه يُوصِي، فقال لكاتبٍ: اكتُبْ، هذا
ما يشهَدُ به الحسن بن أبي الحسن، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله،
مَن شهِد بها صادقًا عند موته دخل الجنة؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ129).
وفاة
الحسن البصري:
تُوفِّي
الحسن البصري رحمه الله ليلةَ الجمعة، في شهر رجب، سنة عشر ومائة، وهو ابن تسعٍ
وثمانين سنةً؛ (الطبقات الكبرى؛ لابن سعد جـ7 صـ132).
كانت
جنازتُه مشهودةً، صلَّوا عليه عقيبَ الجمعة بالبصرة، فشيَّعه الخلق، وازدَحَموا
عليه، حتى إن صلاة العصر لم تُقَمْ في الجامع؛ (سير أعلام النبلاء؛ للذهبي جـ4
صـ587).