القائمة الرئيسية

الصفحات

 
وُلد السيوطي بالقاهرة في مستهلِّ رجب سنة 849هـ الموافق 3 من أكتوبر 1445م ، وتوفِّي رحمه الله في 19 من جمادى الأولى سنة 911هـ  ، الموافق 18 من أكتوبر 1505م ، فكانت حياتُه في النصف الثاني من القرن التاسعِ والعقدِ الأول من القرنِ العاشر الهجري؛ حيث كانت مصر قِبْلَةَ الأنظار بعد أن صارت مقرًّا للخلافة العباسية التي سقطَت على أيدي التَّتار في بغداد، وجرى التنافُس بين سلاطين المماليك في إقامةِ البناء الفكري؛ فأنشأوا المدارسَ والمكتبات وكرَّموا الشيوخَ والعلماء والقُضاة، وأخذوا بأيدي الطلاب، وعقدوا في قصورهم حلقاتِ العلم، ورتَّبوا للأساتذة والمعيدين والمؤلِّفين والطلاب الأجورَ والمرتَّبات وقدَّموا لهم المِنَح والهدايا، فنشطَت الحركةُ الفكرية وواصلَت طريقها بمعزلٍ عمَّا كان يعتري البلاد في فتراتٍ كثيرة من الفوضى السياسية التي كانت تصاحب خَلْع السلاطين وعَزْل الوُلاة .
 
 
 
الإمام السيوطي سيرته


بيئته:
 
وكانت نشأة السيوطي في بيئةٍ علميَّة فاضلة؛ فوالده الإمام العلاَّمة كمال الدين السيوطي، تولَّى قضاء أسيوط، ثم قَدم القاهرةَ فأخذ العلمَ عن مشاهير عصره؛ مثل العلامة القاياتي والشيخ باكير، والحافظِ ابن حجَر والشيخ محمد الجيلاني والشيخ عز الدين القدسي.
 
 
 
ولما أُجيز بالإفتاء والتدريس أفتى ودرَّس وناب في الحُكم عن جماعة، وولِيَ درس الفقه بالجامع الشيخوني، وخطَب بالجامع الطولوني، وأَمَّ بالخليفة المستكفِي بالله، وكان له عدد من التصانيف، وقد توفِّي سنة 855هـ.
 
 
 
وكان الشيخ كمال الدين يتوسَّم في وليده الخيرَ ويأمل في أن يُواصل المسيرةَ، فكان يحمله إلى الصالحين يبرِّكون عليه، ويصحبه وهو طِفل إلى مجالسِ العلماء، وأسند وصايتَه إلى جماعةٍ؛ منهم العلامة كمال الدين بن الهمام، الذي أحسن رعايته ولحظه بنظرِه ، فحفظ القرآنَ العظيم وله من العمر دون ثماني سنين ، "ثم تفرَّغ للمتونِ التي كان ينبغي حفظُها قبل الالتحاقِ بالمدارس النظامية؛ فحفظ العمدةَ ومنهاج الفقه والأصول وألفية ابن مالك .
 
 
 
اشتغاله بالعلم:
 
وفي مستهلِّ سنة أربعٍ وستين شرع في الاشتغالِ بالعلم، فاختار جماعةً من مشاهير علماء عصره يتلقَّى عن كلٍّ منهم ما نبغ فيه من العلوم والفنون.
 
 
 
فلازم في الفقه: شيخَ الإسلام علم الدين البلقيني إلى أن مات، فلازم والده حتى مات، فلزم شيخَ الإسلام شرف الدين المناوي، وأخذ الفرائض: عن العلامة فَرَضِي زمانِه الشيخ شهاب الدين الشارمساحي، ودرس الحديثَ والعربية: على الشيخ الإمام العلامة تقي الدين الشمني الحنفي ، ولزم في التفسير والأصول والعربية والمعاني وغيرها: الشيخ العلامة محيي الدين الكافيجي، وحضر عند الشيخ سيف الدين الحنفي دروسًا عديدة في الكشَّاف والتوضيح وحاشيته عليه، وتلخيص المفتاح والعضد .
 
 
 
ولم يكتف السيوطيُّ بالأخذ عن علماء مصر، بل سافر إلى بلادِ الشام والحجازِ واليمن والهند والمغرب والتكرور.
 
 
 
ويبدو أن السيوطيَّ بعد أن استخرجَ ما في جَعْبَةِ علماء عصره، قرَّر أن يكتفي بما سمعه منهم، ليتفرَّغ للاطِّلاع بنفسه على أمَّهات الكتب، ويُعمل فكرَه فيها بالاختصار أو الشرح أو التعليق ، فانكبَّ على خزائن الكتب ينهلُ منها بهمَّةٍ عالية وعقليَّة ناقدة وبصيرة نافذة، ولعل أهم هذه الخزائن التي أفادَ منها السيوطيُّ: المكتبة المحمودية التي أُلحقَت بالمدرسة المحمودية التي أنشاها الأمير جمال الدين الأستادار سنة 797 هـ، وأودَعَ بها نفائسَ الكتب، وألَّف السيوطي فيها: "بَذْل المجهود لخزانة محمود".
 
 
 
وظائفه:
 
بعد أن أُجيز السيوطيُّ بالتدريس، ثم بالإفتاء شَرَع في التصنيف سنة 866 هـ ، وأفتَى من مستهلِّ سَنة 871 هـ ، وعقد إملاء الحديث من مستهلِّ سنة 872 هـ، ودرَّس بجامع ابنِ طولون[23]، وبالشيخونية ، وتولَّى مشيخةَ الصوفية بتربة برقوق . واستقرَّ في مشيخة البيبرسية بعد الجلال البكري، وفي سنة 902 هـ عيَّنَه الخليفةُ المتوكِّل قاضيًا على القُضاة في سائرِ ممالك الإسلام، يولِّي منهم من يشاء ويعزِل من يشاء، ولكنَّ القضاةَ اعترضوا على إنشاء هذه الوظيفة، وأقنعوا الخليفةَ بالعدول عنها، فاعتزل السيوطيُّ الحياةَ العامَّة، واعتكف في منزله بجزيرةِ الروضة حتى مات.
 
 
التنقل السريع